تؤدّي عملية ترشيح زيت المحوّلات دورًا أساسيًا في صيانة المحوّلات الكهربائيّة والحرص على استمرار أدائها بكفاءة عالية. فالزيت المستعمل في المحوّلات ليس مجرّد مادّة مُزلِّقة أو مبردة وحسب، بل هو عنصر عازل ضروري يحدّ من ظاهرة التفريغ الكهربائي ويُحافظ على سلامة اللفات الداخليّة. ومع مرور الوقت، يتعرّض هذا الزيت لعوامل متعدّدة مثل الحرارة المرتفعة والجهد الكهربائي المستمر، ما يؤدّي إلى تراكم شوائب صلبة ورطوبة وغازات مذابة. عندما ترتفع نسب هذه الملوّثات، تتراجع الخصائص العازلة والحراريّة للزيت، ويزداد خطر الانهيارات الكهربائيّة أو التوقّفات غير المتوقّعة في المحوّل.
أهميّة ترشيح زيت المحوّلات
يتجاوز ترشيح زيت المحوّلات كونه مجرّد إجراء روتيني، فهو الوسيلة التي تُبقي على لزوجة الزيت وقيمته الحمضيّة ومستوى الشوائب ضمن الحدود المسموح بها. يُسهِم الزيت النظيف في تحقيق تبريد أكثر فعاليّة، ما يخفض درجات الحرارة الداخليّة للمحوّل ويُقلّل من معدّل الأكسدة والتلف. كما يعزّز الخصائص العازلة الضروريّة لتجنّب الشرارات والتفريغات الكهربائيّة. في المقابل، قد يؤدّي إهمال ترشيح الزيت إلى استهلاك مفرط للطاقة وإلى إنفاق مبالغ كبيرة على الصيانة أو حتى استبدال المحوّل بأكمله.
آليّة ترشيح زيت المحوّلات
1. الفحص الأوّلي: يبدأ الأمر بأخذ عيّنات من الزيت وتحليلها مخبريًّا لمعرفة نسب الماء والغازات والمواد الصلبة العالقة والرقم الحمضي.
2. التسخين المسبق: في بعض الحالات، يُسخَّن الزيت قليلًا لخفض لزوجته وجعله أكثر قابلية للمرور عبر الوسائط المرشِّحة.
3. الترشيح الميكانيكي: يُدفع الزيت عبر مجموعة من المرشّحات المصمَّمة لاحتجاز الجسيمات الصلبة، مثل الألياف الزجاجيّة أو المواد السيلولوزيّة. تضمن هذه الخطوة إزالة الشوائب الكبيرة التي قد تُعيق الدورة الزيتيّة.
4. التفريغ وسحب الرطوبة: قد تدمج عمليّة الترشيح مع أجهزة التفريغ (Vacuum) لسحب الرطوبة والغازات الذائبة. إذ تنخفض درجة غليان الماء في ظروف الضغط المنخفض، ما يسرّع تبخّرها.
5. الترشيح النهائي: في بعض الوحدات، يُستخدم وسط ترشيح إضافي أو امتزازي لإزالة الأحماض والمركّبات الكيميائيّة الضارّة التي تسرّع من تلف الزيت.
الفوائد الاقتصاديّة والبيئيّة
• إطالة عمر المحوّل: يساعد الزيت النظيف في منع العوامل المسبّبة للأكسدة والتآكل، فيضمن استمراريّة تشغيل المحوّل ويؤخّر الحاجة إلى استبداله.
• توفير التكاليف: يُقلّل الاعتماد على ترشيح الزيت من الحاجة إلى شراء كميّات كبيرة من الزيت الجديد، فضلاً عن تجنّب أعباء الإصلاحات الكبرى الناتجة عن الأعطال المفاجئة.
• تقليل النفايات النفطيّة: بإعادة استخدام الزيت المصفّى مرارًا، تنخفض كميّات الزيت المستهلك الذي قد يذهب إلى أماكن التخلّص غير الآمنة، ما ينعكس إيجابًا على البيئة.
دور التقنيّات الحديثة
برزت في السنوات الأخيرة حلول جديدة تجمع بين التصفية الميكانيكيّة والامتزاز والتجفيف بالفراغ، ما يرفع مستوى نقاء الزيت إلى درجات قياسيّة. كما أُدخلت أنظمة التحكّم الذكيّة في بعض وحدات ترشيح زيت المحوّلات لتتبّع المعايير الرئيسة (درجة الحرارة، مستوى التفريغ، معدّل تدفّق الزيت)، وتعديلها بصورة فوريّة تلائم متغيّرات حالة الزيت.
في الختام، يُمثّل ترشيح زيت المحوّلات خطوة ضروريّة للحفاظ على سلامة البنية التحتيّة الكهربائيّة وتمكين المحطّات من العمل بموثوقيّة وكفاءة. كما يضمن تحقيق التوازن بين الجدوى الاقتصاديّة وحماية البيئة عبر الحدّ من هدر الموارد النفطيّة وتقليل النفايات الناتجة عن الزيوت المستهلكة. وباعتبار الطلب المتزايد على الطاقة، فإنّ الاستثمار في تقنيّات ترشيح زيت المحوّلات يُعَدّ خيارًا استراتيجيًّا يوفّر حماية طويلة الأمد للمعدّات ويكفل استمراريّة تشغيلها بأفضل أداء ممكن.